قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة [ ج ١٣ ]

108/360
*

(بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) كل البعد من جهات عدة تمنع هؤلاء عن تلك العدّة.

ولقد ركزت الآيات السورة منذ الثامنة والثلاثين حتى الأخيرة ـ وهي أكثر من ثلثي آياتها ـ ركزت على حث الجهاد والتنديد بالمتكاسلين عنه من المنافقين والذين في قلوبهم مرض ، مما يبين شدة وطأتهم وتواطئهم ضد الإسلام ، وتباطئهم عن مشاركة الجهاد.

فهؤلاء هم المندّد بهم طيلة هذه الآيات ومنها «إلا تنصروه» دون كافة المؤمنين كما قد يزعمه أصحاب صاحب الغار ، تبجيلا لصاحبهم وتخجيلا لسائر الأصحاب ، فما أجهلهم في ذلك التفسير التعتير التعيير ، إزراء بكافة المؤمنين بمن فيهم من أفاضلهم كالإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن أشبه.

ولأن شؤون نزول الآيات ليست لتحددها بحدودها السابقة ، فهي ـ إذا ـ مطلقة منطلقة ـ مطبقة على كافة الموارد المشابهة من الحروب القاصية العاصية ، فكلما كان الخطر أعظم فالمسئولية لدفعه أهم وأضخم على مدار الزمن الرسالي ، دون اختصاص بالزمن الرسولي.

لذلك لا تجد في ذلك المسرح الطائل ولا لمحة لخصوص غزوة تبوك ، مع العلم أن الله صرح بمسرح بدر وحنين والأحزاب وما أشبه ، على أن هذه المصرح بها أيضا ليست لتقف بخاصة مواقفها ، حيث التاريخ يتجدد دونما وقفة أبدا ، فلتجدّد المسؤوليات أمام حوادثها وكوارثها على طول الخط.

أجل و (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً) معروضا عليهم من قرب (وَسَفَراً قاصِداً) يقصد لكل قاصد «لاتبعوك» لمكان الأريحية القاصدة لهؤلاء المنافقين ، وسترا على كفرهم كأنهم من الموافقين (وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) الشقة الشاقة البعيدة التي تتقاصر دونها الهمم الساقطة وتتعاسر العزائم الهابطة.

فكثيرهم أولاء الذين يتهاوون في صاعد الطريق وسامقه إلى الآفاق