ومن عموم الآيات التي هي كخصوصها كما النصوص : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ..) (٩ : ١٠٣) حيث الجمع المضاف دليل الاستغراق ، أفليست ما سوى التسعة من أموالهم؟ والأكثرية الساحقة يملكون منها ما لا يملكون! ولا تتحمل «أموالهم» التخصيص بالتسعة فإنه تخصيص الأكثر ، وكيف يصح تخصيص عام يشمل مئات الصنوف من الأموال بتسعة فقط وهو مستهجن ، فلا أقل من إشارة تناسب البعض.
ثم آيات فرض الإنفاق : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) (٥٧ : ٧) أترى أننا مستخلفون ـ فقط ـ في القلة القليلة التي يملكها الأقلون ، دون الثلاثة الكثيرة التي يملكها الأكثرون ، فالأقلون ـ إذا ـ مستحلفون ثم الأكثرون متخلفون! ..
أو ليست تلك الكثرة من مال الله التي استخلفنا فيه كما نحن مستخلفون في هذه القلة؟!
وقد نرى فرض الإنفاق (مِمَّا رَزَقْناهُمْ) بعد فرض الصلاة في آيات أربع : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٢ : ٣) ـ (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) (٨ : ٣) ـ (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٢٢ : ٣٥) ـ (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) (١٤ : ٣١).
فلأن الصلاة تقرن فيما تقرن بالزكاة وقد قرنت هنا ب (مِمَّا رَزَقْناهُمْ) فهي هي الزكاة ، وكما أجمعت عليه كلمة المفسرين.
فهلّا تكون سائر الأرزاق ـ ما سوى التسعة ـ (مِمَّا رَزَقْناهُمْ)؟ فليست هي رزقا أم هي من رزق غير الله؟ ولا يتحمل (مِمَّا رَزَقْناهُمْ) التخصيص بالتسعة ، فإنه من تخصيص الأكثر ، وكذلك تخصيص النسخ حيث السنة لا تنسخ الكتاب ولا سيما إذا كانت معارضة بمثلها أو أكثر منها كما هنا.