مزيدة على كلّ ، باستحقاق لحاق العصمة أو الإيمان.
فليست سكينة الله ـ فقط ـ لتسكن القلوب عن اضطراب في مواقف الإيمان ومحاورة ، بل (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) لهم ، وليزداد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عصمة على عصمته ، وأما الذي ليس له إيمان واثق ولما يرتكن في قلبه ، فلا يصلح قلبه لهذه السكينة الخاصة بالقلوب المطمئنة المرتكنة بالإيمان.
وترى (جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) هلا يرونها المشركون أيضا كما «لم تروها»؟ «لم تروها» تلمح أنهم رأوها ، وإلّا لكان صحيح العبارة «لم تر» حتى يحلّق سلب الرؤية على الفريقين ، إضافة إلى أن في عدم رؤية العدو إياهم عدم لانهباط أنفسهم وروحياتهم ، فلا بد ـ إذا ـ من رؤيتهم إياهم حتى ينهزموا برؤيتهم كما ينهزمون بوقعتهم (١).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٢٨).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٢٦ ـ أخرج مسدد في مسنده والبيهقي وابن عساكر عن عبد الرحمن مولى أم برثن قال : حدثني رجل كان من المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقوموا لنا حلب شاة إلا كفيناهم فبينا نحن نسوقهم في أدبارهم إذ التقينا إلى صاحب البغلة البيضاء فإذا هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتلقتنا عنده رجال بيض حسان الوجوه قالوا لنا : شاهت الوجوه ارجعوا فرجعنا وركبوا أكتافنا وكانت إياها ، وفيه أخرج البيهقي من طريق ابن إسحاق حدثنا أمية بن عمرو بن عثمان بن عفان أنه حدث أن مالك بن عوف بعث عيونا فأتوه وقد تقطعت أوصالهم فقال : ويلكم ما شأنكم؟ فقالوا : أتانا رجال بيض على خيل بلق فو الله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى ، وفيه عن ابن عثمان الحجبي عن أبيه قال خرجت مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم حنين والله ما خرجت إسلاما ولكن خرجت اتقاء أن تظهر هوازن على قريش فو الله اني لواقف مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ قلت يا نبي الله إني لأرى خيلا بلقاء ، قال يا شيبة انه لا يراها إلا كافر فضرب بيده عند صدري حتى ما أجد من خلق الله تعالى أحب إلي منه قال : فالتقى المسلمون فقتل من قتل ...