أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) (٤٨ : ٤) (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (٤٨ : ١٨) فهذه لهم فقط ، ثم مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما في آيتنا وثالثة في الفتح : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٢٦) ثم لا نجد تنزل هذه السكينة الإيمانية على المنهزمين في حنين كما لم تنزل على صاحب الغار ، فلما يعلم الله ما في قلوب المؤمنين من طمأنينة الإيمان يتزل عليهم السكينة ، لهم أو مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فما لصاحبه في الغار ـ إذا ـ أن لم ينزل من سكينة عليه وهو ينزلها على رسوله فيه؟ لأنه علم ما في قلبه ، وانه لما يستعد لنزول السكينة الإيمانية عليه! كما في الأكثرية المؤمنة يوم حنين.
و «السكينة» وصف لمحذوف ك «الحالة ـ الهالة ـ الرحمة» أماهيه من موضوعات توصف ب «السكينة» ومن لطيف التعبير في الأثر أن «لها صورة كصورة وجه الإنسان» (١) ، فقد تعني «كصورة وجه لإنسان» إنسان الرسالة في الرسول ، وإنسان كامل الإيمان في المؤمنين الماكنين ، فالصورة الإنسانية لها واجهتان أولاهما ما تحصل بمساعي الإيمان ، وثانيتها ما ينزله الله على تلك الصورة ، فقد تكون صورة العصمة النازلة على صورة العصمة الرسالية لتزداد عصمة وطمأنة فيها ، أم صورة الإيمان الزائدة على صورة من الإيمان تستحق نزول السكينة الإيمانية المزيدة على ما كان.
وعلى أية حال هي لا تخلوا من سكينة الإيمان أم سكينة العصمة
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٠١ في تفسير العياشي عن الحسن بن علي بن فضال قال قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام) للحسن بن أحمد : أي شيء السكينة عندكم؟ قال : لا أدري جعلت فداك أي شيء هو؟ فقال : ريح من الجنة تخرج طيبة لها صورة كصورة وجه لإنسان فتكون مع الأنبياء.
وفي الكافي علي بن أسباط قال سألته فقلت جعلت فداك ما السكينة : قال : ريح من الجنة وجه كوجه الإنسان أطيب ريحها من المسك وهي التي أنزلها الله على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحنين فهزم المشركين.