و «المؤمنين» النازلة عليهم السكينة هنا مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هم الثابتون في هذه الهزهزة المزمجرة وفيهم «علي بن أبي طالب (عليه السلام)» وهو أفضلهم (١).
(وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بتلك السكينة وهؤلاء الجنود وبما للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والذين ظلوا معه والتحقوا به من صمود ، وهؤلاء هم القلة الباقية.
(ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الذي حصل للقلة ، وعلى الكثرة (عَلى مَنْ يَشاءُ) من المتخلفين عن المعركة حيث ولّوا أدبارهم دونما أي مبرر ، يتوب على شروطها (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
فيا لهذه السكينة الرسالية المكينة ـ النازلة على الرسول ، والنازلة على المؤمنين ـ من فاعلية خارقة للعادة ما لها من مثيل ، اللهم للأصيل في طاعة الله من الرسول والذين معه.
ذلك ، وسكينة الله تنزل كأحق منزل على الرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم على صالحي المؤمنين في ساعات الحزن والعسرة ، فليت شعري كيف لم تنزل على صاحبه في الغار وهو في عهد عميق الحزن لحد ينهاه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) ثم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) غير الحزين تنزل عليه ـ فقط ـ السكينة دونه ، أفلا يدل ذلك على أنه حينذاك لمّا يصل إلى درجة إيمان يستحق به السكينة التي تنزل بعد الرسول على المؤمنين حيث (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) (٩ : ٤٠) ، و (هُوَ الَّذِي
__________________
ـ وجوه الكفار ثم قال : «انهزموا ورب الكعبة فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى فما هو إلا أن رماهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحصيات فما زلت ..».
(١) ملحقات إحقاق الحق ١٤ : ٥٩٤ الحسكاني في شواهد التنزيل ١ : ٢٥٢ بسند متصل عن الضحاك في الآية قال : نزلت في الذين ثبتوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم حنين علي والعباس وحمزة في نفر من بني هاشم ، وعن الحكم بن عيينة قال : أربعة لا شك فيهم أنهم ثبتوا يوم حنين فيهم علي بن أبي طالب.