أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (٢٥ : ٦٧) ـ (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (١٧ : ٢٩) ف (كُلَّ الْبَسْطِ) هو ألّا يبقي لحاجته شيئا فيصبح فقيرا يتكفف الناس. ومرحلية الزكاة تقتضي عدم نصاب خاص في العهد المكي لأنه بداية الدعوة ، ولقلة أموال المسلمين في مكة ، وقد تحمل عليه الروايات التي تفسر بعض آيات الزكاة المكية بأنها تعني فرضا في الأموال سوى الزكوة ، أي سوى ذات النصاب المدني ، وإلّا فعلى كل واجب مالي زكاة ، سواء أكان بنصاب أم دون نصاب.
وترى كيف لا تتعلق الزكوات بغير النقدين المسكوكين من النقود ، وهي اليوم معيار الأموال بل هي ممولة الأموال ، وليس التعبير في قسم من أحاديث الزكوة بالنقدين ، أو الدينار والدرهم إلا تعبيرا عن النقود الرائجة في تلك الزمن (١) وهل الزكوة تختص بزمن الدرهم والدينار حتى تختص
__________________
ـ الصيرفي قال : استعملني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على باب بانقياد وسواد من الكوفة فقال : «.. فإنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو».
(١) ممن أفتى من فقهاءنا بشمولية الزكاة لكل النقود الرائجة المغفور له الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء في رسالته الاستجوابية ص ٢٥٩ عند السئوال :
«هذه الأوراق التي جرت المعاملة بها في هذه العصور كالدينار العراقي والنوط الإيراني أو الهذي أو الإنكليزي ونحوها هل تجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول وهل تجري عليها سائر أحكام النقدين من الربا والتقابض في بيع الصرف أم لا؟».
فالجواب : الأصح إن هذه الأوراق حاكية وممثلة للأموال النقدية المستودعة في البنوكية فمن بيده دينار أو نوط فهو رمز إلى أن له في البنك ليرة ذهبية أو نصف ليرة إنكليزية ، أما نفس تلك الأوراق لو لا هذا الإعتبار فلا قيمة لها أصلا وجميع المعاملات التي تجري على تلك الأوراق أنما تجري عليها بتلك اللحاظ وعلى هذا فجميع أحكام النقدين ثابتة لها من وجوب الزكاة وحرمة الربا ولزوم التقابض وغير ذلك فيعتبر الدينار العراقي مثلا مثقالا ذهبيا مسكوكا بسكة المعاملة والعشرون دينار نصاب فإذا حال عليها الحول مستقرة لمالك واحد وجبت فيها الزكاة وهي نصف دينار أي نصف مثقال شرعي كما تقدم وهكذا.
كما وكرر هذه الفتوى في تحرير المجلة تحت المادة (١٣٠).