١٧٦) وهكذا (الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) (٤ : ١٣٧).
والقول ألا ملازمة لعذاب طائفة بالعفو عن طائفة ، خاو دون تأمل ، حيث العذاب هنا شامل قضية الحال ، فمعنى الشرطية ـ إذا ـ (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ) لمصلحة ملزمة أو راجحة ، فلا يستلزم أن نعف عن طائفة أخرى دون أية مصلحة.
وترى إذا كان طائفة منهم يعفى عنهم فهم إذا معذورون ، فكيف يخاطبون مع غير المعفو عنهم ب «لا تعتذروا»؟
إنهم ككل غير معذورين عن كفرهم بعد إيمانهم وكذبهم أنهم لم يقولوا كلمة الكفر ، وإنما العفو لمن تاب توبة صالحة ولم يكن كفره عن ضلال وإجرام عريق.
ف (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ) كشرط في هذا الحقل (نُعَذِّبْ طائِفَةً) كجزاء لذلك الشرط ، إشعارا بأن العفو عن طائفة لا يخلّف العفو عن أخرى لاختلافهما في المغزى: (بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) مضلّلين ، قد تعرق الإجرام في نفوسهم ، وأولئك كانوا مجرمين مضلّلين لم يعيشوا الأجرام.
فمجال العفو واسع فاسح ما لم يتعمق الكفر في النفوس فكانت التوبة إذا نصوحا دون أي غدر ونفاق مسوح (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٦٧).
مباعضة لعينة منافقة في مباضعة الإيمان الموافقة ، تشكل مناصرة في حقل النفاق ، ومن قضاياها الرزايا : (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) بكل طاقاتهم وإمكانياتهم (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ) عن كل خير مادي أو معنوي لقبيل الإيمان ، وذلك لأنهم (نَسُوا اللهَ) نسيان تجاهل وتغافل معمّد معنّد «فنسيهم» في كل حقول الرحمة والعناية ، حيث