عاملهم معاملة الناسي التارك لما هو كافله ، «فنسيهم» في كافة الرحمات الرحيمية الخاصة بالمؤمنين والمتحرين عن الإيمان ، نسيانا جزاء نسيان ، وفاقا لذلك العصيان (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).
(فَنَسِيَهُمْ) حيث (نَسُوا اللهَ) و (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) كأن لا فاسق سواهم ، حيث تعمق فيهم الفسوق وتحمّق لأسفل دركاته ، فلأنهم في الدرك الأسفل من فسوق الكفر ، لذلك فهم (فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ).
أجل وإن الله لا يسهو ولا ينسى ، وإنما ينسى ويسهو المخلوق والمحدث ، ألا تسمعه عزّ وجلّ يقول : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) وإنما يجازي من نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم كما قال تعالى : «ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون ، وقال عز وجل : فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ، أي : نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا» (١).
فقد (نَسُوا اللهَ) إذ تركوا طاعة الله «فنسيهم» : فتركهم (٢) تركا جزاء ترك في الأولى والآخرة.
وهنا نتلمح أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى معاكسة الأمر بينهما ، وإلى قبض اليد عن الرحمة ، كل ذلك من نسيان الله وعصيانه.
وفي ضم «المنافقات» هنا إلى «المنافقين» تحليق لنفاقهم على قبيلي الذكور والأناث ، فإن لهن دورا دائرا مائرا في عمليات النفاق ، إضافة إلى كيدهن العظيم في حقل النفاق ، كما والمعروف المنهي عنه والمنكر المأمور به يعمان كل حقول المعروف والمنكر ، عقيديا وعلميا
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٣٩ في عيون الأخبار والتوحيد للصدوق باسناده إلى عبد العزيز بن مسلم قال : سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله تعالى : نسوا الله فنسيهم فقال : ..
(٢) المصدر في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر (عليهما السلام) «نَسُوا اللهَ».