وعمليا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا وحربيا ، دركات سبع من جحيم المباعضة المنافقة في المباضعة عن الموافقة.
إنهم ككل (بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) طبيعة واحدة وطينة واحدة ، سوء الطوية ولؤم السريرة ، وكل همز ولمز ودس وغمز ، وضعف عن صريح المواجهة وصريخ العقيدة ، وكل ذلك ينعكس في كل سلوكهم ومسالكهم ، معاكسين كل خير إلى شر ، وكل شر إلى خير ، ركسة ونكسة محلقة على كل كيانهم.
وهنا أسس البلاء ، المنعكس على العقيدة والخلق والعملية أماهيه ، هو (نَسُوا اللهَ) في ألوهيته وربوبيته وعلمه وقدرته وواجب معرفته وعبوديته وطاعته ، ونشأة حسابه وجزاءه (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) ولذلك :
(وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ)(٦٨).
هنا «والكفار» تعميم بعد تخصيص ، تأخيرا لهم عن المنافقين تدليلا على أنهم (فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) ، ثم (خالِدِينَ فِيها) هو الخلود ما دامت النار و «هي حسبهم» في قسطاس العدل ، خلودا في النار قدر خلودهم في بواعث النار ، فكما كانوا مقيمين على نفاقهم وكفرهم حتى الموت ، كذلك (لَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) في النار ما داموا هم ودامت النار ، بل ليست النار إلّا حصيلة نفاقهم وكفرهم المحدود في أصله وفصله (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) وما أشبه برهان قاطع لا مرد له بين سائر البراهين أن للنار والخالدين فيها نهاية بنهاية العذاب المستحق لمن لا يستحقون ثوابا ، قضية عدل الله وقسطه.
فلا يعني مقيم العذاب إقامته معهم إلى غير نهاية ، فإنها ظلم إلى غير نهاية ، وإنما «مقيم» كمقيم الاستحقاق وقدره ، حيث الزيادة على قدر الاستحقاق ظلم مهما كانت محدودة ، فضلا عن كونها غير محدودة كما يهرفه هارفون ويخرفه خارفون أم قاصرون في إدراك الحق بحق الله العدل الرحيم.