يدخلوا» حتى يمنع خصوص دخولهم ، بل «لا يقربوا» كما (لا تَقْرَبُوا الزِّنى) مما يدل على حظر الاقتراب من الحرم.
ولأن «المشركون» لا تعم كافة الكفار ، ولا أن (الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) تعم كافة المساجد ، فلا تدل الآية على حظر القرب أو الدخول لسائر الكفار في المسجد الحرام فضلا عما سواه من المساجد ، اللهم إلا بدليل آخر ككونهم جنبا لآية النساء : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) اعتبارا بفرض الفروع على الكفار كما المؤمنين ، فليمنعوا نهيا عن المنكر ، من دخول المساجد ، ولكنه ليس منكرا في زعمهم فلا نهى إلا بعد البيان ثم تخلفهم.
ولأن «لا يقربوا» موجه إلى المؤمنين في الأصل إذ ليس المشرك ليصدّق وحي الله حتى يقبله ، فالمفروض عليهم صدهم عن المسجد الحرام ، وان دخلوا أو قربوا فنفيهم عنه ، ونظيره قوله تعالى بحق الذين لم يبلغوا الحلم (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) (٢ : ٥٨).
وهل إن «لا يقربوا» مخصص ببعضهم كما في رواية؟ (١) والحكم المعلل لا يخصّص فلا تخصيص! اللهم إلّا الباقية مدتهم في معاهدة قبل نزول هذه الآية (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ) وأما المعاهدة بعد الآية فلا تجوز لقرب المسجد الحرام لاستغراق الخطر.
(فَلا يَقْرَبُوا ... وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ) وقد خافت جماعة عيلة لفراغ المسجد الحرام ـ مكة أو حرما ـ عن المشركين حيث كانوا يحملون سلعا للتجارة كأصل فيها (٢) ، فقد طمأنهم
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٢٦ ـ أخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد عامي هذا أبدا إلا أهل العهد وخدمكم.
(٢) المصدر أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نفى الله تعالى المشركين عن المسجد ـ