وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)(٧٤).
(يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) ما قالوه وغالوا فيه مثل «لا تفتني» ـ يلمزك في الصدقات ـ هو أذن ـ إنما كنا نخوض ونلعب «في استهزاءهم» خضتم كالذي خاضوا ـ كما مضت.
أم وما يروى عن قالاتهم القالة الغائلة ك والله لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمير (١) وما شتموه (٢) ك «سمن كلبك يأكلك» (٣) دركات سبع جهنمية من قالاتهم الكافرة ومحاولاتهم الماكرة في مختلف المجالات (وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) بألسنتهم فإن كلمة الكفر تنقض كلمة الإسلام ، و «إسلامهم» هنا تعم من آمن منهم بلسانه وقلبه كافر ، أم لمّا يدخل الإيمان في قلبه ، أم دخل دخيلا قليلا ضئيلا ، فكفروا بقالاتهم الكافرة بعد إسلامهم بأيّ من زواياه الثلاث ، حيث إن قالة الكفر تنقض قالة الإسلام على أية حال.
ثم (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) من اغتيال النبي الأقدس (صلى الله عليه
__________________
(١) قد مضت روايات عن الدر المنثور بهذا المعنى.
(٢) الدر المنثور ٣ : ٢٥٨ عن ابن عباس قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالسا في ظل شجرة فقال : أنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاء فلا تكلموه فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق فدعاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال على م تشتمني أنت وأصحابك؟ فانطلق الرجل فجاء أصحابه فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم وأنزل الله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا ..).
(٣) المصدر عن قتادة قال ذكر لنا أن رجلين اقتتلا أحدهما من جهينة والآخر من غفار وكانت جهينة حلفاء الأنصار فظهر الغفاري على الجهني فقال عبد الله بن أبي للأوس انصروا أخاكم والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك ، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فسعى بها رجل من المسلمين إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأرسل إليه فسأله فجعل يحلف بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر.