اللهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ)(٨٠).
هنا «سبعين» عدد غير محدّد ، حيث أتي به هنا للتكثير ، بقرينة «لن» حيث تحيل الغفر عن بكرته على أية حال وقبلها مساوات الاستغفار وتركه أيا كان ، ومن بعد (بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا) فهذه الثلاثة آيات بينات لكون «سبعين» واردة مورد التكثير دون حد لعده ، ومن ثم (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) تحيل غفرهم على أية حال ، فلا يصدق المفترى على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول : «لأزيدن على السبعين» (١) فيبدوا هنا أنه بدا له أن يستغفر لهم أم بدأ يستغفر لمكان (فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ) فهنا الله يخبره أن مصير هؤلاء مقرر ، وحسابهم مختوم محتوم ، فلا مجال لتوبتهم أو الاستغفار لهم ، فالقلب حين يختم عليه ويسد عنه كل منافذ النور فلا مجال بعده إليه من نور : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ).
وهنا (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ) أمرا (أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) نهيا هما سيان في واقع الاستغفار (فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) وليس الاستغفار إلّا لغفر برجائه ، وحين لا رجاء فالاستغفار لغو ينزّه عنه ساحة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٦٤ ـ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عروة أن عبد الله بن أبي قال لأصحابه : لو لا أنكم تنفقون على محمد وأصحابه لا نفضوا من حوله وهو القائل : ليخرجن الأعز منها الأذل فأنزل الله الآية قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأزيدن على السبعين فأنزل الله (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ).
وفي نور الثقلين : ٢ : ٢٤٧ عن تفسير العياشي عن العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : إن الله تعالى قال لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم): (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) فاستغفر لهم مائة مرة ليغفر لهم فأنزل الله (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) وقال «لا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ، فلم يستغفر لهم بعد ذلك ولم يقم على قبر واحد منهم».