ذلك ومثله كثير مثل (أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ) (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ)(٦٤ : ٦).
والمستفاد من «لن يغفر» بعد (أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ) ومن بعد (بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا ..) أنه يحرم الاستغفار لمن تبين أنه من أصحاب الجحيم ، وقد تبين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ببيان الله تعالى ذلك فلم يستغفر لهم ولن ، إذ (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيم) (٩ : ١١٣).
أفبعد ما تبين للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد بيان الله أن هؤلاء المنافقين لا يستغفر لهم ، يخلد بخلده أن يستغفر لهم مأة مرة تأويلا ل (سَبْعِينَ مَرَّةً) المحظورة بنفس العدد ، وهذه القرائن القاطعة تؤكد أنه فقط للتكثير ، فلو استغفر لهم مليارات المرات إلى يوم القيامة فلن يغفر الله لهم.
أفهكذا تهتك ساحة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) القدسية أنه لم يتبين ببيان الله حرمة الاستغفار لهم فاستغفر مأة أو حاول؟!.
(فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ) (٨١).
«المخلّفون» هم الذين خلّفوا عن الجهاد بما تخلّفوا استئذانا لقعودهم وهم فرحون (بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ) حيث خالفوا أمر قائد القوات الرسولي نفاقا عارما (وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) كراهية هي طبيعتهم المنافقة الكافرة ، ومن قالهم في قعودهم خلاف رسول الله : (لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ)(١) تظاهرا بمصلحية الحفاظ على
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٦٥ عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر ـ