نفوسهم ، رغم أن واجب الجهاد ـ ولا سيما في استنفاره العام ـ لا يعرف حرا ولا بردا وما أشبه (قُلْ نارُ جَهَنَّمَ) المؤججة على المخلّفين المخالفين (أَشَدُّ حَرًّا) مما تزعمون (لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ) الحق المرام ، بتفقه صالح ينتج لهم علما غائبا بعلم حاضر ، ولكنهم (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) ـ
وهنا «لو» تحيل فقههم عن تقصير تحول إلى قصور ، كما أن «لن يغفر» إحالة بما اختاروا ذلك النفاق وثبتوا عليه قصورا عن تقصير.
وهنا «خلاف» دون «خلف» تعني معنى زائدا عن الخلف وهو أنه خلف الخلف ، حيث تخلفوا أم خلّفوا ، فإنهم بين من استاذن متخلفا ومن نهي عن الخروج ، ف «المخلفون» دون «المتخلفون» لكي تشمل إلى المستأذنين للقعود آخرين منعوا عن الخروج ، سواء الذين استأذنوا منهم للخروج : (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً ... فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ)(٨٣) أم لم يستأذنوا للخروج أم قعود وهم منعوا عن الخروج ، ثالوث منحوس من «المخلّفين» هم فرحون بمقعدهم خلاف رسول الله ، وما (قالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ) إلّا الأولين ، ولكن «المخلّفون» تعم إليهم الآخرين.
ذلك ، وإن كانوا هم يشفقون من ذلك الحر ، ويؤثرون راحة الجسد المسترخية في ظلال ، على راحة الروح بروح ورضوان ، فما هم فاعلون ـ إذا ـ بحر جهنم وهي أشد حرا وامدّ طولا وطولا؟ .. إنها لسخرية مريرة وهي حقيقة لهم حقيقة بهم ، إذا :
__________________
ـ الناس أن ينبعثوا معه وذلك في الصيف فقال رجال يا رسول الله الحر شديد ولا نستطيع الخروج فلا تنفروا في الحر فقال الله : قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فأمره بالخروج.
وفيه أخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : استدار برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجال من المنافقين حين أذن للجد بن قيس ليستأذنوه ويقولون : يا رسول الله ائذن لنا فإنا لا نستطيع أن نتفر في الحر فأذن لهم وأعرض عنهم فأنزل الله في ذلك : (قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ..).