الضعف المحرج ، والمرض المحرج ، والنفقة المحرجة ، فأما الذين لا حرج عليهم للخروج من هؤلاء فهم خارجون عن الاستثناء كسائر الخارجين.
ولأن «المحسنين» طليقة ، فالسبيل المنفية بحقهم ليست إلا في طليق إحسانهم ، فما عليهم من سبيل في الدنيا والآخرة ، وأما الذين خلطوا إحسانا بإساءة ، في متن الأمر أو مقدماته الآفاقية أو الأنفسية ، فلا تنفى عنهم هذه السبيل.
ذلك ، ثم «الضعفاء» هم كل هؤلاء الذين لا يستطيعون جهادا لضعيف ذاتي كالشيخوخة وما أشبه ، لحدّ لا نفع في جهادهم اللهم إلا قليلا لا يجبر زهاق أنفسهم.
«والمرضى» هم غير المستطيعين لضعف عارض ، فإن استطاعوا علاجا غير محرج قبل فوات الأوان فمفروض قضية استطاعة الجهاد باستطاعة ما يعدّ له.
و (الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ) لا تعني وجدان المال الحاضر ، بل وهو وجدان ما يحصل به مال قدر المقدور ، من شغل وأية محاولة أخرى صالحة في شرعة الله غير محرجة ولا معسرة.
فكما أن (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) لا تعني عدم الوجود ، بل هو عدم الاستطاعة لاستعماله في الطهارة ، كذلك «لا يجدون هنا» فإن وجده بعمل فيه أجرة ، أم قبول هدية أو هبة أو صدقة ، أو استقراض وما أشبه ، ما لا يمس من حرمته وكرامته الإيمانية ، فهو واجد لما ينفقه في الجهاد.
ثم الذي عنده مال قدر نفقة العيال ، هو غير واجد لما ينفقه لتقدم واجب النفقة على العيال ، على نفقة الجهاد.
وأخيرا حين لا يجد هو ولكن يجد عند الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو أيضا واجد حيث المعذور هنا : (الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ... أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) لا من عند أنفسهم ولا عند الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).