فهم ـ إذا ـ في ذلك الثالوث أردئ من المؤمنين ، وهذه طبيعة الحال لمن سكن البادية ، بادية بادية عن الثقافة الإسلامية مهما كانت مدنية متحضرة بالحضارة المادية.
لذلك نسمع متظافر الحديث يقول : «تفقهوا في الدين فإنه من لم يتفقه في الدين فهو إعرابي ـ عليكم بالتفقه في الدين ولا تكونوا اعرابا فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملا» (١).
وهذا هو المعني من حديث الصادق (عليه السلام): «نحن بنو هاشم وشيعتنا العرب وساير الناس الأعراب» (٢) فالعرب هنا هم الظاهرون الباهرون ، الفاهمون شرعة الحق بمشايعة الشرعة الهاشمية المحمدية (صلى الله عليه وآله وسلم) والأعراب هم البدويون البعيدون عن ذلك.
وهكذا يعني من حديثه الآخر «نحن الناس وشيعتنا أشباه الناس وسائر الناس نسناس» حيث القصد من «شيعتنا» أشياع الحق الصراح القراح ، دون خليط بالباطل أيا كان.
إذا ففي حقل الكفر والنفاق والجهل «الأعراب» بمعناها الصالح هم (أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) وجهلا بحدود الله ، وفي حقل الإيمان والوفاق والعلم ، هم ـ بطبيعة الحال ـ أقل حظا في هذه الزوايا الثلاث.
لذلك كله لم يبعث الله رسولا قط من الأعراب : البدويين ، وإنما من القرى مدنا وسواها : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) (١٢ : ١٠٩).
وحين يهدي أعرابي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هدية
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٥٤ ، الأول في الكافي عن علي بن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : .. إن الله يقول في كتابه «لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ..» والثاني فيه عن المفضل بن عمر قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ..
(٢) المصدر.