أهل مسكنة ، وضعفاء ذوي فاقة ، وإنا موّفوك حقك فوفّهم حقوقهم ، وإلّا فإنك من أكثر الناس خصوما يوم القيامة ، وبؤسا لمن خصمه عند الله الفقراء والمساكين ، والسائلون والمدفوعون والغارم وابن السبيل ، ومن استهان بالأمانة ، ورتع في الخيانة ، ولم ينزّه نفسه ودينه منها ، فقد أحل بنفسه في الدنيا الذّل والخزي ، وهو في الآخرة أذل وأخرى ، وإن أعظم الخيانة خيانة الأمة ، وأفظع الغش غش الأئمة والسلام (العهد ٣٦).
(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(١٠٤).
أجل ، إنه فقط (قابِلِ التَّوْبِ) (٤٠ : ٣) لا سواه ، فإنه هو المعصي دون سواه ، فكيف يقبل التوبة من سواه ، فالخرافة الجازفة المسيحية أن الأقاسسة يغفرون الذنوب ويتوبون على العصاة ، إنها تعني لهم ربوبية أمام الله ، أم وكالة عن الله في غفران الذنوب وقبول التوبات! فليس لأحد قبول التوبة حتى رسول الله ، فضلا عمن سواه.
وهنا (يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) تجعلنا نراعي كل حرمة وتبجيل لأيدي الفقراء ، إذا فحق للمتصدق أن يسترجع ما تصدق ويقبّله ثم يرجعه (١) كما
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٧٥ عن أبي هريرة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة طيبة من كسب طيب ولا يقبل الله إلّا طيبا ولا يصعد إلى السماء إلّا طيب فيضعها في حق إلّا كانت كأنما يضعها في يد الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى أن اللقمة أو التمرة لتأتي يوم القيامة مثل الجبل العظيم وتصديق ذلك في كتاب الله العظيم : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ).
وفي نور الثقلين ٢ : ٢٦١ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل وفيه وإذا ناولتم السائل شيئا فسلوه أن يدعو لكم فإنه يجاب له فيكم ولا يجاب في نفسه لأنهم يكذبون ، وليرد الذي يناوله يده إلى فيه فيقبلها فإن الله عزّ وجلّ يأخذها قبل أن تقع في يده كما قال عزّ وجلّ : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ).
وفيه عن تهذيب الأحكام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله لم يخلق شيئا إلا وله خازن يخزنه إلّا الصدقة فإن الرب يليها بنفسه وكان أبي إذا تصدق بشيء وضعه في يد ـ