على الأخذ مثل ذلك.
ذلك لأن الآمر بالصدقة هو الله ، ففي أخذها وإيتاءها ملتقى يد الله ، وكما على مؤتيها كامل الحرمة عند إيتاءها ، كذلك على آخذها حيث يأخذها من يد الله ، فهنا ملتقى رباني على طرفي الإيتاء والأخذ أن يراعيا حرمة التصدق في سبيل الله ، ولأن الآخذ قد يحس بذلّ فقد يحق على المؤتي أن يسبقه إلى ذلك تطامنا لأمر الله وتضامنا مع الآخذ وترفيعا لمنزلته ، إضافة إلى أن النص أن الله (يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) فليرجح جانب الآخذ لها على مؤتيها.
وصحيح أن الآخذ هنا هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : خذ من أموالهم ، ولكنه أخذ بأمر الله ، فالله هو الآخذ في الحق كما (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى).
وقد يلمح قرن (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ) ب (يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) بأن الصدقة هي من مصاديق التوبة ، ولم لا؟ وهي تطهر وتزكي أصحابها!.
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٠٥).
«قل» لكلا الصالحين والطالحين «اعملوا» على مكانتكم ، فليس العمل أيّا كان يذهب هباء منثورا ، بل هو ثابت منشور في المسجلات
__________________
ـ السائل ثم ارتده منه فقبله وشمه ثم رده في يد السائل.
وفيه عن تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خصلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد ، وضوئي فإنه من صلاتي وصدقتي من يدي إلى يد السائل فإنها تقع في يد الرب.
وفيه كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا أعطى السائل قبل يد السائل فقيل له لم تفعل ذلك؟ قال : لأنها تقع في يد الله قبل يد العبد وقال : ليس من شيء إلا وكل به ملك إلا الصدقة فإنها تقع في يد الله.