الربانية ، صوتية وصورية (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (فَسَيَرَى اللهُ) ما ستعملونه هنا «ورسوله» بما يشهده الله «والمؤمنون» الأئمة هنا وغيرهم يوم يقوم الأشهاد ، فمهما خفيت هنا رؤية الله عن الجاهلين بالله فضلا عن رؤية رسول الله ، ثم ولم تكن هنا رؤية للمؤمنين بالله (فَسَيَرَى اللهُ) كما كان يراه «ورسوله» كما كان يريه الله «والمؤمنون» بعد أن لم يكونوا يرون مهما كان يراه أئمة المؤمنين كما الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (١) فالرؤية الربانية مستمرة هنا ويوم يقوم الأشهاد ، بل وقبل العمل حيث يعلمه الله من قبل ومن بعد ، والرؤية الرسولية هي بعد العمل بإراءة الله ، وهكذا الرؤية الرسالية لعترته المعصومين (عليهم السلام) ، والرؤية لسائر المؤمنين هي يوم يقوم الأشهاد.
فلا تعني (فَسَيَرَى اللهُ) أصل الرؤية بالحيطة العلمية ، بل هي واقعها المشهود يوم الجمع لأهل الجمع فضلا عن الله.
وهذه نبهة الغافلين والمتجاهلين كأن الله لا يرى أعمالهم ، فضلا عن رسوله والمؤمنين ، وأما الله تعالى شأنه ف : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٥ : ٢٩) فلا يفلت أي عمل من أي عامل هباء انمحاء في الهواء ، بل الأعمال مسجلة في سجلاتها التي قررها الله : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً. اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (١٧ : ١٤) : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) (٣ : ٣٠) ، وهكذا (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : ردا إلى حسابه وجزاءه.
ذلك ، فقد استعملت «سيرى» في مختلف معانيه ومصاديقه ، مما يدل على جواز استعمال اللفظ في معان عدة ، فإن رؤية الله بعد رؤية
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٦٢ عن العياشي عن بريد العجلي قال قلت لأبي جعفر (عليهما السلام) في قول الله (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ) «فقال : ما من مؤمن يموت ولا كافر يوضع في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي فهلم إلى آخر من فرض الله طاعته على العباد» ، أقول : وهذا متظافر معنويا في روايات عدة.