على سلب الشرعية عن كل حكم يخلّف ضررا على المسلمين فرادى وجماعات ، اللهم إلا الأحكام الضررية في موضوعاتها بدائيا كأصل دائمي أو أكثري ، ومن الأوّل الإنفاقات المجانية ، ومن الثاني الجهاد أمرا بالمعروف أو نهيا عن المنكر أو قتالا في سبيل الله.
وأما الأحكام غير المبتنية على الضرر كلا أو في الأكثر فلا تحمل إضرارا فرديا أو جماعيا فليست إذا إسلامية ، كتصبر الزوجة على حياة سيئة بئيسة مع زوجها سواء انضرت فقط هي بها أم هي حياة المضادّة المضارّة ، وكما تؤيدها آيات الحظر عن الزواج الذي فيه ترك لحدود الله ، حيث الإبقاء عليه تثبيت لتركها فمعارضة بين حكمي الله.
وهكذا تكون الصلاة المضرة والوضوء المضر والحج والصوم المضران وما أشبه ، إذ إن الله يريد بنا اليسر ولا يريد العسر ، فالقول بأن الحالة الضارة الفلانية محكومة بحكم الله ، قول بالإضرار في حكم الله.
ذلك ، فلا يباح أي مباح فيه إضرار بالنفس أو بالغير ، أمّا يغلب ضره على نفعه وكما يقول الله في الخمر والميسر (فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) «يدعو لمن ضره أقرب نفعه» (٢٢ : ١٣) ففي الضر أو الإضرار دون أي نفع يكون الحظر أكثر.
وأما فعل الواجب أو ترك المحرم إذا كان في أحدهما إضرار بالغير كأصل فهو محرم دون ريب ، إلّا إذا كان الغير ينضر به دونما مبرر ، كالذي يغضب إذا أنت تصلي أو تؤدي فرضا آخر أو تترك محرما ، إنما الضرر أو الإضرار المحظور هو الضرّ بحالة عاديّة غير عادية معتدية.
فكل مضرّ في شرعة الله محرم حتى تعلّمه : (وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) (٢ : ١٠٢) وهكذا المضارة في كل حقولها من حقل الزوجية : (وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) (٦٥ : ٦) و (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) (٢ : ٢٣٣) وفي المبايعة : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) (٢ : ٢٨٢) وفي الوصية : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) (٤ : ١٢).