كما المقصر ، ومهما كان القاصر معذورا دون المقصر ، ولكن الله ليس ليأمر أن يؤتسى إمام فيما هو قاصر.
وهكذا تبرر ساحة إبراهيم عن خاطئ الاستغفار لأبيه أنه استغفر له بما وعده إياه و (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ) فهو من أصحاب الجحيم «تبرأ منه» فلم نسمعه بعد حتى آخر عمره وخلاص أمره أن يستغفر له ، اللهم إلّا لوالديه حين كان يرفع القواعد من البيت وإسماعيل بقوله : (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) (١٤ : ٤١).
ذلك ، والأب هو أعم من الوالد ، فقد يعني العم كما : (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً) (٢ : ١٣٣) حيث يعد إسماعيل من آباء يعقوب وهو عمه.
أم جدا لأم حيث يعد «عيسى» (عليه السلام) من ذرية إبراهيم (.. وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٦ : ٨٥).
فلأن جد الأم والد كما جد الأب فضلا عن الوالد ، دون العلم إذ ليس والدا بأي وجه ، فالقصد من «أبيه» غير والده في مثلثه ، إنما هو عمه.
وإنما عبر عن عمه في ثمانية موارد ب «أبيه» تأشيرا إلى المحتد القمة التوحيدية لإبراهيم حيث تربى في جو الشرك وبيت الإشراك ، وتحت الولاية التربوية لآزر الذي كان مكان والده ، ولم يتأثر بوصمة الشرك ، بل وعارض آزر معارضة صارحة صارخة دونما أية مساهلة.
ذلك ، وقد يسمى بالأب من لا صلة له نسبية بأولاده ، كما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله لعلي (عليه السلام): «أنا وأنت أبوا هذه الأمة فمن عقنا فعليه لعنة الله» «أنا وهو أبوا هذه الأمة» «أنا وأنت أبوا هذه الأمة» (١).
__________________
(١) ملحقات إحقاق الحق ٤ : ١٠٠ ، ٢٢٧ و ٧ : ٢١٦ و ١٥ : ٥١٨ ـ ٥١٩ و ٥ : ٩٥ و ٢٠ : ٢٣٠.