لمّا تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ولم يستغفر له ، وإنما استغفر لوالديه وللمؤمنين رافضا أباه آزر ، وأما أن تعني ـ فقط ـ وعد إبراهيم إياه ، فهو لا يبرر الاستغفار ، إنما يبرره عدم تبنيه أنه عدو لله حسب النص ، ثم آزر هو أقرب مرجعا أدبيا كما هو أقرب في «مليا» وعدا مليا.
وهنا المختلقة الزور أن الآية ليست «لوالدي» بل هي «لولدي» إسماعيل وإسحاق والحسن والحسين (عليهم السلام) (١) إنها ليست إلّا من المجاهيل الذين لا يتدبرون القرآن ، ففيما تبدو لهم ظاهرة بدائية من آية أنها تخالف ما يعتقدون يبتدرون بفرية تحريف الآية بكل توسّع وسخاء حمقاء ، والله تعالى منهم ومن أمثالهم من المختلقين الزور براء.
(وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(١١٥).
هنا «هداهم» بما اهتدوا فليس (لِيُضِلَّ قَوْماً) إلّا إذا ضلوا ، وهدى الله هي الهدى الكاملة (حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) على ضوء هداه ، ف «يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه» (٢) فإن ضلوا بعد هداه وبيانه أضلهم جزاء وفاقا بما ضلوا.
و «ما كان» تحلّق هذه السلبية على فسيح زمن التكليف ، فحين
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٧ في تفسير العياشي عن جابر قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ) قال : هذه كلمة صحفها الكتاب إنما كان استغفاره لأبيه عن موعدة وعدها إياه وإنما كان (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ) يعني إسماعيل وإسحاق والحسن والحسين والله ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!.
(٢) نور الثقلين ٢ : ٢٧٦ في كتاب التوحيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية قال : حتى يعرفهم .. وفيه عن أصول الكافي عن شاهديه بن عبد الله الجلاب قال : كتب إلى أبو الحسن (عليه السلام) في كتاب : أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر (عليه السلام) وقلقت لذلك فلا تنعم فإن الله عزّ وجل لا يضل قوما بعد إذا هداهم حتى يبين لهم ما يتقون وصاحبكم بعدي أبو محمد ابني وعنده ما تحتاجون إليه يقدم ما يشاء الله ويؤخر ما يشاء ما ننسخ من آية أو ننسها قد كتبت بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان.