يهدي الله قوما بما اهتدوا وعملوا لها ، فالله مستمر في هداهم مبينا لهم ما يتقون ، وهو من هداهم ، فإذا ضلوا بعد هدى الله وبيانه فقد يضلهم ، و : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (٨ : ٥٣).
وهنا (حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) يعني ـ كأصل ـ كتاب الوحي وعلى هامشه السنة الرسولية ، ولأن السنة تختلط بسواها فقد يخفى بيانها ، فلا بد من كون الكتاب بيانا صارحا ليكون حجة كافية ، فلو أن القرآن محرّف ، أم ليس بيانا كافيا بنفسه ، فلا عذاب إذا ولا إضلال على من يخالف شرعة الله ، بسناد عدم البيان الوافي في كتاب الله.
(إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)(١١٦).
له الولاية الطليقة في مطلق الكون تكوينا وتشريعا ، إحياء وإماتة ، للأرواح هدى وضلالا ، وللأجساد حيث (يُحْيِي وَيُمِيتُ) تعنيهما كليهما ، ولا سيما حياة الهدى وضلال الردى اللتين يتحدث عنهما.
ثم (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ) يلي أموركم (وَلا نَصِيرٍ) ينصركم في الهزاهز.
(لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(١١٧).
هنا قلوب كادت تزيغ فتوبة الله عليها هي الرجوع بالرحمة المطمئنة لها ، وقلوب ما كادت تزيغ وهي قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والناحين منحاه ، فلا تعني التوبة عليهم معنى واحدا لكي تعني في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) توبة عليه في زيغ اعتراه.
فقد يتوب على الساحة المعصومة فهي التسديد في ساعة العسرة ، وأخرى على غير المعصومين وهم غير مأثومين إذ (كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ) طمأنة لها عما كاد ، وثالثة يتوب على من تاب إلى الله من زيغ واقع وضيق