فحين تشكّل دولة إسلامية بغياب صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، فلا عليها ولا لها إلّا أن تقاتل جيرانها الأقربين من الكفار المقاتلين المفسدين ، اتقاء عن التجاوز عنهم إلى الآخرين ، حيث الكفر ملة واحدة ، فقد يجنّد جنوده دفعة واحدة وحملة فاردة لاجتثاث الدولة الإسلامية التي غاية قوتها الحفاظ على نفسها من بأس الذين يلونهم من الكفار.
ذلك ، ولأن (الَّذِينَ آمَنُوا) لا تختص بدولة إسلامية ، وهم مبعثرون في المعمورة ، فعليهم القتال الدائب قدر المستطاع بصورة متواصلة سوما للعذاب على الكفار المفسدين الخطرين عليهم ، حتى تعبّد الطريق لدولة المهدي (عليه السلام) العالمية.
فهنالك للمجموعة المسلمة مثلث من الجهاد في مثناه : دعائيا وحربيا ، فالضلع الأوّل (الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) لكل دولة أو دويلة أو مجموعة أو منظمة إسلامية سليمة ، والثاني أن تتعاون كافة المجموعات الإسلامية في شتى أنحاء المعمورة ، مترابطين مع بعضهم البعض ومرابطين وكما قال الله تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ ..) والثالث والأخير ـ وهو من حصائل ذلك الجهاد الإسلامي المتكافل وفصائله ـ هو تأسيس الدولة الإسلامية العالمية بقيادة صاحب الأمر وولي العصر حجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه ، وأما الحرب الباردة الدعائية فلا حد لها إلا كافة الدعايات الكافرة ، أن نحاربها بألسنتنا وأقلامنا.
وقيلة القائل الغائل إنها منسوخة ب (قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) منسوخة بأن «كافة» هي وصف للمقاتلة المستفادة من «قاتلوا» فلتكن مقاتلة كافّة بأسهم عن المسلمين ، تكفهم عنهم وتجعلهم في أمن منهم ، فهم ـ إذا ـ (الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) يلونكم جوار المكان والحدود الجغرافية ـ أم ويلونكم جوار البأس مهما كانوا بعيدين ، وهما ليسا إلّا قتال الدفاع ، دون هجوم بدائي أيّا كان.
ولقد كانت سنة الحروب للقائد الرسولي (صلى الله عليه وآله