إذا فلا تعني الغلظة معهم إلّا في ضوء التقوى ، وليست هي الوحشية والبربرية مع الأطفال والنساء والشيوخ وسائر العجّز غير المحاربين ، إنما هي الخشونة التي لا تميّع الحركة ولا تفسح مجالا لأعداء الدين أن يهاجموا المؤمنين ، فهذا الدين ـ كما هو الله ـ «أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة وأشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة».
ذلك ، وأحرى من الدفاع والحرب الحارة الحارقة ، الدفاع والحرب الباردة وهي الدّعائية بعد تقديم البراهين البينة الدّعائية.
وهنا خطوات أولاها وأولادها الدعوة الداخلية بمختلف واجهاتها ، كيلا ينصدم المسلمون بدعايات مضللة يحملها المتظاهرون بالإسلام ، ومن ثم سائر المهاجمين على المقدسات الإسلامية السامية.
فهؤلاء الربانيون الحافظون لحدود الله هم ثقات الإسلام وحصونه ، الذين يصدون الهجمات الهمجات المضلّلة للمسلمين.
__________________
ـ دون أنفسهم وذراريهم فيصالحونكم على صلح ، فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فإنه لا يصلح لكم.
وعن العرياض ابن سارية قال : نزلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قلعة خيبر ومعه من معه من المسلمين وكان صاحب خيبر رجلا ماردا متكبرا فأقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا محمد! لكم أن تذبحوا حمرنا وتأكلوا ثمرنا وتضربوا نساءنا؟ فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : يا ابن عوف أركب فرسك ثم ناد : إن الجنة لا تحل إلّا لمؤمن وأن اجتمعوا للصلاة فاجتمعوا ثم صلى بهم ثم قال فقال : أيحسب أحدكم متكئا على أريكته ، قد يظن أن الله تعالى لم يحرم شيئا إلا ما في القرآن ، ألا وإني قد وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء ، إنها لمثل القرآن أو أكثر وإن الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ولا ضرب نسائهم ولا أكل ثمارهم إذا أعطوا الذي عليهم.
ورفع إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ بعد إحدى المواقع ـ إن صبية قتلوا بين الصفوف فحزن حزنا شديدا فقال بعضهم : ما يحزنك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم صبية للمشركين ، فغضب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال ما يعني : إن هؤلاء خير منكم ، إنهم على الفطرة ، أو لستم أبناء المشركين ، فإياكم وقتل الأولاد إياكم وقتل الأولاد.