وأوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحذركم أهل النفاق ، فإنهم الضالون المضلون ، والزالون المزلون ، يتلونون ألوانا ، ويفتنون افتنانا ، ويعمدونكم بكل عماد ، ويرصدونكم بكل مرصاد ، قلوبهم دوية ، وصفاحهم نقية ، يمشون الخفاء ، ويدبون الضراء ، وصفهم دوائر ، وذكرهم شفاء ، وفعلهم الداء العياء ، حسدة الرخاء ، ومؤكدو البلاء ، ومقنّطو الرجاء ، لهم بكل طريق صريع ، وإلى كل قلب شفيع ، ولكل شجو دموع ، يتقارضون الثناء ، ويتراقبون الجزاء ، إن سألوا ألحفوا ، وإن عدلوا كشفوا ، وإن حكموا أسرفوا ، قد أعدوا لكل حق باطلا ، ولكل قائم مائلا ، ولكل حيّ قاتلا ، ولكل باب مفتاحا ، ولكل ليل مصباحا ، يتوصلون إلى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم ، وينفقوا به أعلاقهم ، يقولون فيشبّهون ، ويصفون فيموّهون ، قد هوّنوا الطريق ، وأضلعوا المضيق ، فهم لمّة الشيطان ، وحمة النيران ، أولئك حزب الشيطان (أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) (الخطبة ١٨٥).
هؤلاء المنافقون الأنكاد «زرعوا الفجور ، وسقوه الغرور ، وحصدوا الثبور» «والله ما أرى عبدا يتقى تقوى تنفعه حتى يخزن لسانه ، وإن لسان المؤمن من وراء قلبه ، وإن قلب المنافق من وراء لسانه ، لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه ، فإن كان خيرا أبداه ، وإن كان شرا وأراه ، وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه ، لا يدري ما ذا له وما ذا عليه» (الخطبة ١٧٤).
«رجل منافق مظهر للإيمان ، متصنع للإسلام ، لا يتأثم ولا يتحرج ، يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدا.
وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ، ووصفهم بما وصفهم به لك ، ثم بقوا بعده ، فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان ، فولوهم الأعمال ، وجعلوهم حكاما على رقاب الناس ، فأكلوا بهم الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله» (الخطبة ٢٠٨).