ثم (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ) (٢٤ : ١) إذ تعني سورة النور برمتها.
ثم آيات عدة تجمعها سورة أم عناية واحدة مهما كانت في سورة أم سور : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ..) (٢ : ٢٣).
ومن ثم القرآن كله : (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ ..) (١٠ : ٣٨) فإن ضمير الغائب في مثله راجع إلى القرآن كله ، فقد تعني : فأتوا بمجموعة مثل المجموعة القرآنية.
وهنا «سورة» قد تعني التي (تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ) ـ ضمن سائر ما عنت من السور ـ لمحة من (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) حتى يعرفكم بما يعرفكم الله بمخابئ قلوبكم (ثُمَّ انْصَرَفُوا) عنها كما هم منصرفون عن سائر السور (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) عن القرآن جزاء بما صرفوا (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) الحقّ رغم تواتر آياته وتوافر بيناته.
هؤلاء المقلوبة قلوبهم تتغير ألوانهم تغيظا على نزول القرآن ولا سيما السور التي تفضحهم ، ثم يقول بعضهم لبعض : (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) بغيار لونه والقلق الظاهر على صفحة وجهه (ثُمَّ انْصَرَفُوا) لكيلا يسمعوا القرآن ولا يراهم أحد بغيار ألوانهم فيعرفوا بنفاقهم من جهتين أم واحدة.
أم هم في ثالوث من قلقهم ثالثة أنهم يستهزءون بالقرآن عند نزوله ، متخفين من أن يراهم أحد فيتساءلون خائفين ذعرين (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) أم ورابع أنهم يريدون الخروج عند نزول سورة فيتساءلون (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) تخرجون ، (ثُمَّ انْصَرَفُوا) زعما منهم أنه لا يراهم من أحد ، حيث تلوح لهم غرة من المؤمنين وانشغال بال ، فإذا هم يتسللون على أطراف الأصابع في حذر (ثُمَّ انْصَرَفُوا) تلاحقهم من العين التي لا تغفل ولا تنشغل دعوة قاصمة تناسب فعلتهم المريبة.
إلى هنا ـ والسورة تتم بعد آيتين ـ سمعنا مواصفات للمنافقين تحتل زهاء نصف وزيادة من آيات السورة ، ثم نسمع الإمام عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) يصفهم على ضوء القرآن قائلا :