(وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) قتلا يكف عنكم بأسهم ، وعلّ تاءها للمبالغة عناية إلى مبالغة الكف في ذلك القتال (كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) قتلا يكف عنهم بأسكم ، فلا تعني «كافة» الجميع ، وإنما هي القتال الكافة حيث تكف عنكم بأسهم ، فهي ـ إذا ـ حرب دفاعية.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) على أية حال وهنا في مسرح القتال ، في أصله وفي زمنه وفي كمه وكيفه ، تجنبا عن قتال الذراري والعجزة والصبيان ومن ألقى إليكم السلام (١) وقتال من لا يقاتلكم ولا هو فتنة عليكم.
وهنا «المشركين» كما المشركين (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) سواء دون شمول لأهل الكتاب حيث الصيغة الصالحة للشمول «الكافرين» و «المشركين» تعني في مصطلح القران العبّاد الرسميين للأوثان دون كل المنحرفين عن التوحيد ككفرة أهل الكتاب ، وقد قوبل بينهما في البينة : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ).
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ)(٣٧).
النسيء هنا هو الشهر المؤخر حيث تعودت الجاهلية لتنسئ من الأشهر الحرم مصلحية تحليل القتال فيها أو سماح الحج ، حيث كانت تعرض حاجات لبعض قبائل العرب تتعارض مع تحريم هذه الأشهر ، وهنا تتلاعب الأهواء ويقوم من يفتي باستحلال أحد الأشهر الحرم عن طريق تأخيره في عام وتقديمه في آخر ، فطالما عديد الأشهر الحرم يبقى أربعة
__________________
(١) خلاف ما قتل خالد في حنين امرأة فأرسل إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ينهاه مشددا ، وقتل رجالا قد اسلموا من بني جذيمة فتبرء النبي إلى الله من فعلته ثلاثا ، وقتل أسامة يهوديا أظهر له الإسلام فنزلت : «وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً ..» (٤ : ٩٤).