كما يقول الله (لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) إنما هو الحزن الخطر عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ولذلك عدّ (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ) من نصرته الربانية ، فلقد كان حزنه لحد قد يشكل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) خطرا فنصره الله أن نهى صاحبه عن الحزن وقاية عما قد يحصل من ملاحقة بضجة وصرخة من صاحبه. وهنا نقف حائرين من ذلك الحزن الحزين ، فإن كان لنفسه أم للرسول أم لهما فغير محبور ، حيث الحزن على الخطر الذي ضمن الله أنه لن يكون عدم إيمان واطمئنان بالله الذي ضمن الحفاظ على حياته بتلك الهجرة الخارقة للعادة ، ولكنه لم يكن حزنا ـ فقط ـ في قلبه ، بل هو ظاهر جاهر بصرخة حيث تسمع فيشكّل خطرا على حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولولاه لم يكن في قوله لصاحبه : (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) نصرة له ثالثة ، فهل إن ترك حزن قلبي ـ فقط ـ لصاحبه نصرة له (صلى الله عليه وآله وسلم) غالية؟ كلا بل هو الحزن الحزين ببادئ صراخ يسمع المفتشين عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) الملاحقين إياه ، ففي نهيه عن حزنه وطمأنته : إن الله معنا ، وإن الله قلب قلبه بذلك ، نصرة ربانية ثالثة حفاظا على حياته (صلى الله عليه وآله وسلم) بالفعل ، ثم (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) نتيجة هذه المراحل الثلاث من نصرته ، كما وأن الثلاث الأخرى من مخلفات النصرة الأصلية وهي إنزال السكينة عليه (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم كما أن «صاحبه» لا تصاحب صحبة الخليفة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الناحية الروحية ، كذلك «معنا» لا تعني مساوات المعية بينهما ، فإنما هي معية في دفع الخطر الناجم ، أصالة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى هامشه لزاما للحفاظ عليه صاحبه في الغار ، فهي ـ إذا ـ معية الحفاظ لصاحب الرسالة.
وأما «صاحبه» فهل تعني له منقبة متميزة على سائر أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فكأن غيره لم يكونوا من صحبه ، إنما هو «صاحبه» قضية إفراد النسبة المضافة إليه.
إن ل «صاحبه» مسارح عدة تختلف في مغزاها ، ف «صاحبه» في