السفر ، غير «صاحبه» في التجارة ، وغيرهما في الدراسة ، وغيرها في المعرفة ، وغيرها في الإيمان ، حيث تختلف ملابسات تحمل معها فتختلف الصحابات.
وهنا «صاحبه» في الغار ليس إلّا من صاحبه فيه ـ دون استئذان منه أو طلبه (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ودون سائر المواقف المشرفة ، فترى ـ إذا ـ «صاحبه» في الغار ، هو صاحبه بين كل صحبه في كل الميزات للصحبة الروحية الرسالية؟ هنا لو لم تدل «يقول» ما كنا نعرف أن صاحبه في الغار كان إنسانا ، حيث يصاحب الإنسان غير الإنسان من ملابس وحيوان ، ومن معاكسه (كَصاحِبِ الْحُوتِ) (٦٨ : ٤٨) أم أيا كان من صاحب يصحب جسمه دون روحه.
فلقد تعرفنا أن «صاحبه» إنسان لمكان «يقول» فمن أين نعرف أنه صاحبه في الفضائل الروحية بين الأصحاب ، وتلك الصحبة ليست لتثبت له أصل الإيمان فضلا عما علاه من صالح الإيمان فضلا عن أصلحه ، وقد يدل : «(لا تَحْزَنْ) ـ و ـ (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) على طالح الإيمان.
فحين نسمع الله يقول في الكهف (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً)(١) فهلّا يخيل إلينا أن «صاحبه في الغار» (٢) ما كان يصاحبه إلا كما صاحب المشرك المؤمن في آية الكهف ، وتعاكسها آية الأعراف ونظائرها : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ)(٣).
فهل إن «صاحبه» في الكهف تجعل المشرك مؤمنا بمجرد الصحابة؟ أم إن «صاحبهم» في الأعراف وسواها تجعل الرسول (صلى
__________________
(١ ، ٢ ، ٣). ك «ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى» (٥٣ : ٢) «وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ» (٨١ : ٢٢) و «ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ» (٣٤ : ٤٦) و «وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً» (٣١ : ١٥) و «حير ان له أصحاب يدعونه إلى الهدى» (٦ : ٧١) حيث تعني مصاحبة المؤمن الكافر ، النبي مع المشركين ، والولد المؤمن مع الوالدين المشركين ، أو أي مؤمن مع أي كافر.