ذلك ومن واجهة أخرى قد تعني (إِلَّا تَنْصُرُوهُ) كافة المتثاقلين عن نصرته على مدار الزمن الرسالي ، فأنتم أنتم الخاسرون دونه (صلى الله عليه وآله وسلم) (فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) صيانة على نفسه ورسالته القدسية ودعوته المترامية الأطراف به وبقرآنه المبين وتبيانه المتين.
ومن نصرته والمؤمنين (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) (٣ : ١٢٣) و (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) (٩ : ٢٥) ومن أخريات هذه النصرة المتتالية المتمادية ما كان بفتح مكة (وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً) (٤٨ : ٣).
ومن ثم (أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى) حيث سفلت حيلتهم بحقه ، (وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا) حيث علت بهجرته ثم غلت بفتح العاصمة بعد ردح من هذه الهجرة الهاجرة.
ولننظر هنا إلى «السكينة» في عرف القرآن على من تنزل كأصل ، ثم من فضل الأصل على من؟.
هنا نجد حين يقرن المؤمنون بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تشملهم السكينة على هامش الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٩ : ٢٦) وهم الذين ظلموا مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وما قلوا ، من هؤلاء الثمانين بين اثني عشر ألفا أو يزيدون ، فكما هنا تختص السكينة بالمؤمنين الثابتين دون المنهزمين الهابطين ، علّها كذلك هنا لا تنزل على صاحبه المؤمن إذ لم يكن له ثابت الإيمان الذي يحق له إنزال السكينة ، فإنما نزلت السكينة الرسالية على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على سكينته الرسولية الدائبة وهي العصمة.
فهنا للرسول سكينة يعيشها قضية العصمة الرسولية ، ثم سكينة تنزل عليه مزيدا لتلك العصمة ، كما للمؤمنين القلة سكينة الإيمان ، العائشين معها باطمئنان ، ثم تنزل عليهم السكينة ليزدادوا إيمانا على إيمانهم.
هذه سكينة مزيد العصمة على عصمته (صلى الله عليه وآله وسلم)