مكة ، فلتنزل السكينة عليهم فيها دون صاحبه في الغار!.
وحين نتخطى هذه الثلاث فهل يبقى إلا أنه على إيمانه لم يكن بتلك الجدارة الإيمانية التي تنزّل السكينة على صاحبه ، فضلا عن السكينة الرسالية ، فقد علم ما في قلوب المؤمنين معه (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنزل السكينة عليهم ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ، وعلم ما في قلب صاحبه (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار ، فلم ينزل سكينة عليه لمكان حزنه الحزين الدال على ضعف في إيمانه!.
فقد كان مؤمنا حينذاك ـ لأكثر تقدير ـ ولكنه لمّا يصل إلى جدارة إيمانية تؤهله لنزول السكينة عليه مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو بعده.
فهل إن في آية الغار ـ بعد ـ افتخار لصاحب الغار ، أم هي عليه عار في انتحار لأصل إيمانه ـ إذا ـ أم لجدارة الإيمان ظرفا للسكينة؟! ولو أننا اختصصنا السكينة به في الغار تغاضيا عن نص الآية ، لما كان لصاحب الغار ـ بعد ـ مكسب من صحبة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار.
فآية الغار هي خير مسئول للإجابة عن موقف صاحب الغار ، كما وآية المبيت هي خير مقرر لموقف الإمام علي (عليه السلام) في تضحيته العالية الغالية عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (٢ : ٢٠٧) وترى بعد أن الحضور عند الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمان أحضر في حذمته ، أم الحضور في فراشه الخطير بغيابه؟ (١).
ذلك ، وإلى نظرة أخرى في مقاطع الآية لنكون على بصيرة أكثر من مغزاها : ترى ولما ذا كان صاحبه حزينا؟ أإشفاقا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما ذا نهاه وهو معروف لصالح الإيمان! ثم كيف يحزن
__________________
(١) البحار ١٩ : ٧٦ يج روي أن ابن الكوا قال لعلي (عليه السلام) : ...