هو دونه (صلى الله عليه وآله وسلم) إن كان حزنه على ناجم الخطر وقد ضمن الله خلاصة عن بأس المشركين بما أخرجه هكذا وأخرجهم حائرين.
ونرى البائت على فراشه في هاجم الخطر لا يلمح منه أي حزن إلّا صلابة وطمأنينة ، ثم نرى صاحبه في الغار يحزن في ناجم الخطر وهو مأمون بما أمنهما الله!.
وحين يقال لعلي (عليه السلام) : أين كنت حيث ذكر الله أبا بكر فقال : (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ) فقال : ويلك كنت على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد طرح علي ريطته فأقبل قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكتها فلم يبصروا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأقبلوا علي يضربوني حتى ينفط جسدي وأوثقوني بالحديد وجعلوني في بيت واستوثقوا الباب بقفل ...
وترى فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أخطر أم الغار؟ طبعا هو الفراش ، وإلا فلما ذا الفرار منه إلى الغار ، فقد كان موقف علي (عليه السلام) من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) موقف التضحية بنفسه عنه ولا أمان فيه ولم يحزن ، وموقف أبي بكر هو موقف الأمان وقد حزن!.
ومما ينص على صاحبه (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار أنه ما كسب فضيلة أم قد كسب رذيلة ما تواتر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله له في قصة إعلان البراءة حين يسأله (صلى الله عليه وآله وسلم) أما أهلتني : «كيف تبلغ عن وأنت صاحبي في الغار» (١) فلو كانت صحبته في الغار منقبة فلتخلّف منقبة رسالية في إبلاغ البراءة ، ولكن حزنه إذ هما في الغار كان دليلا على نقصان إيمانه وخوفه فيما لا خوف فيه ، فكيف يؤمن على بلاغ رسالته في جو الإشراك المخيف؟.
__________________
(١) هذه وأمثالها من حجج داحضة واهية أوردها الفخر الرازي في تفسيره نصرا لصاحب الغار!.