البائسين ، أم ان «يغاث» من كلا : الغيث والغوث ، فليس الغيث المطر والكلاء ـ فقط ـ بالذي يكشف الكرب ويمنع الجدب ، إذ قد يوازيه برد قارص ، ام برد كارث قبل نضوج الحرث ام عنده ، او ريح صرصر كارث ، او زلزال مارس ، أماذا مما قد يساعده الغيث على الكارثة المزمجرة ، والحادثة المدمرة.
فالقول ان فيضان النيل كان يكفيهم عن المطر ، تقاوله السبع الشداد والنيل هي النيل ، ثم هل للنيل ان تنال بفيضاناتها كل الخيرات وتنيل ، وهناك كربات وصعوبات سماوية وأرضية لا تدفع إلّا أن يغاث الناس بغوث إلهي ضمن فيضان وغيث ، لا سيما وان الفيضان نفسه ليس إلّا بالغيث الذي يمده من مجاريه عن بلاده.
(فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ) غيثا وغوثا (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) الفواكه ، مما يلمح إلى كثرتها لحد الإعصار بعد الإعسار ، فلا يعني ـ فقط ـ يعصرون الخمر ، بل ولا يعنيه فيما يعنيه ، إذ تجل ساحة النبوة ان ينبئ فيما ينبئ عما فيه شهوات النسناس بخمر تخمر الناس ، وتبغض إله الناس!
فان لم يدل تأويله الرؤيا على نبوته وتسديده بالوحي ، فليدل إنباءه ب (عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) فليس تمام السبع الشداد مما يدل عليه ، إلّا عاما غير شديد ، كما قبل السبع الأولى ، عام يكفي نفسه كتقدير معتاد ، وأما ان (فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) فزيادة لا تعلم إلّا بالوحي.
وهنا يحذف السياق ما يعلم من المساق او هو غير ضروري في القصة ، وينتقل إلى مشهد الملك وتأثره عن تعثّره في سجن الصديق ، فلنسمع الملك كيف ينهاز إلى خلاصه بكل إخلاصه والتماسه :
(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ