ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ)(٥٠).
يا عظماه لذلك الصديق العظيم ، يطلب إليه الملك ليخرج عن السجن ويدخل عليه فلا يستجيب ، وطبعا ما كان الإتيان به إشخاصا لاستجواب يعود بعده إلى السجن ، فإنه أمر قاطع لا مرد له ولا قبل أمامه ، وإنما هو إحضار عن عفو وإغماض ، فله أن يقبل وله ألا يقبل.
هنا نرى يوسف السجين وقد طال سجنه بضع سنين لا يستعجل إجابة الملك في الخروج ، حتى يخرج قبله عن تهمة الخيانة ، ويعلن متهموه برائته من الوشايات والمكائد التي أدخلوه السجن بظنتها.
فلو خرج من فوره لكان خارجا عن طوره ، متهما في توسله بالساقي ، وقد تبقى عليه وصمة الخيانة أن يظن بخروجه عفو الملك وإغماضه عما كان ، بما ظهر منه الآن. ولكنه مسبوك بذلك الأدب الرائع ، والسكينة والثقة والطمأنينة في قلبه البارع ، فلا يعود عجولا ولا معجلا ، تقديما لخروجه عن سجن الروح في تهمة الخيانة ، على سجن البدن ، وإن بقي فيه بضعا أخرى ، ذلك يوسف ولم يكن ممن دارت عليهم الرحى ، فبأحرى إمام المرسلين وخاتم النبيين وأفضل الخلق أجمعين محمد (ص) لو كان مكانه لكان أمتن منه وأمكن خلاف ما اختلق على ساحته من روايات (١) كما على أخيه الصديق!
__________________
(١). كما في الدر المنثور ٤ : ٢٣ عن أبي هريرة قال تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الآية : (فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ ...) فقال : لو كنت انا لأسرعت الاجابة وما ابتغيت العذر! وفي اخرى عنه انه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : يرحم الله يوسف ان كان لذا أتاه لو كنت انا المحبوس ثم أرسل إلي لخرجت سريعا ، وعن ابن عباس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : عجبت بصبر أخي يوسف وكرمه والله يغفر له حيث أرسل اليه ليستفتى في الرؤيا وان كنت انا لم افعل حتى ـ