وأيا كان رسول الملك ، أهو الساقي الناجي وعله أنسب لكونه أرفق وبصاحبه أليق؟ أم هو رسول تنفيذي يكلّف بمثل هذا الشأن ، لمكان قوله (ائْتُونِي بِهِ) دون «آتني به» فبطبيعة الحال ليس هذا الرسول إلا عظيما من الحاشية يليق بهذه الرسالة ، لا نعرفه من هو؟ ولا فائدة في أن نعرفه.
(فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ) وعرفه رسالته (قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) لا «الملك» ولا «الرب» او «ربنا» كما يقوله السجناء بغية الخلاص ، وإنما (إِلى رَبِّكَ) ثم «فاسئله» كأنه من قبلك نفسك ، لا عني ، ولأنه لا يجرأ الساقي وأضرابه على سئوال الملك من نفسه ، اللهم الّا رسول خاص ، له اختصاص بالسّدة العليا ، يتأيد أنه غير الساقي. (فَسْئَلْهُ ما بالُ (١) النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ).
فانظر إلى ذلك السجين كيف يستجوب الملك والنسوة في مسألة واحدة ، بكل حائطة واحتشام ، حيث لا يذكر مراودة امراة العزيز ، فإنما النسوة والنسوة فحسب ، إذ كان أمرهن واضحا في المملكة وضح النهار ، وأمرها يظهر ضمن أمرهن كما ظهر ، فبالهن وخطبهن ذريعة إلى خطبها وبالها ، وهو لم يذكرها بسوء ولا إياهن إلّا قدر الضرورة التي هي مفتاح براءته : (إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) ولسوف تعلمون في ذلك الاستجواب وعلّ من كيدهن أنهن لما يئسن عن مراودتها القين حبل التهمة الوقحة على عاتقه ، في وشاية دائبة وجناية صارحة سارحة ، لحد شككن الملك والعزيز في أمره!.
__________________
ـ اخرج ، وعجبت من صبره وكرمه والله يغفر له أتى ليخرج فلم يخرج حتى أخبرهم بعذره ولو كنت انا لبادرت الباب ولكنه أحب ان يكون له العذر! وعن الحسن عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : رحم الله اخي يوسف لو انا اتاني الرسول بعد طول الحبس لا سرعت الاجابة حين قال : ارجع الى ربك ، فاسأله ما بال النسوة!