«وكذلك» الذي فعله اخوته والعزيز وامرأته ونسوة في المدينة ، والذي ظن أنه ناج والملك. وحتى «كذلك» المكانة التي حصّلنا له في الجو الفرعوني ، بهذه المعدات المثلثة المقدرة المقررة من قبلنا.
(كَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ..) مكانة مكينة ، وإمكانية متينة ، حيث يجعل على خزائن الأرض فيصبح عزيزا لحد يتوارى في ظله العزيز ، فلا نسمعه حتى نهاية القصص إلّا له ، دون الذي اشتراه من مصر حيث يخاطبه إخوته : (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً ..) (٧٨) ـ (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ ..) (٨٨).
أترى العزيز الأول مات او قتل او عزل فاحتل الصديق مكانته؟ لا فحسب بل وتوارى الملك ايضا إلّا مرة ، : (.. ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ..).
أجل إن مكانة يوسف وإمكانيته في الأرض جعلته هو العزيز في كل المملكة لحد توارى كل عزيز من ملك فضلا عن العزيز!
أترى تلك المكانة المرموقة ليوسف كانت من الله؟ فلما ذا تطلّبه الصديق من الملك! أم كانت من الملك؟ فكيف ينسبها الله إلى نفسه! ولا دلالة هنا على أنه جعله على خزائن الأرض.
(كَذلِكَ مَكَّنَّا) تدل أن الملك استجابه إلى مطلوبه ، وأنه كان من تمكين ربه ، فالعبد يدبر وقد دبر الصديق بما قدم وما سئل ، والله يقدّر كما قدر تمكينه في الأرض بما دبّر ، مما يبرهن بوضوح أن سؤاله ذلك من الملك كان بمرضات الله تدبيرا ، فكان من مرادات الله تقديرا ، وتوافق الأمر ان في تمكينه في الأرض! حيث حوّل قلب الملك ووجهه إلى تلك الواجهة. فكان ما سأله وأراده الله.