جماع من المكانتين الروحية والزمنية كما حصل ليوسف وأضرابه ، وليس كل المحسنين ليصابوها ، وليس حرمان المحرومين عنها ضياعا لأجرهم ، فلهم أجرهم في الآخرة عيانا وبيانا ، وأجرهم في الدنيا وبدون سلطة زمنية هو النصرة الإلهية في غلب البرهان ، والتصبّر على كل حرمان في سبيل الإيمان : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ)! ف «اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله عز وجل نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده واسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم» (١).
وقد تلمح «نصيب» بأن الجمع بينهما في الدنيا ليس إلا كصدفة قاصدة «من نشاء» حسب ما تقتضيه المصلحة الجماعية ، ولسوف تصبح الرحمتان هامتان وعامتان ومنقطعتا النظير في زمن القائم المهدي من آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين!
من هنا تدور عجلة زمن سلطته الزمنية طوال السبع الأولى سنوات الرخاء ، دون أن تذكر القصص ما هو دور الصديق فيها ، ولا كيف أدار جهاز الدولة المخولة إليه ، اللهم إلا ما أفاده من قبل : (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) ثم ولا يذكر العزيز ولا الملك إلّا مرة مشيرة : (فِي دِينِ الْمَلِكِ) فضلا عن رجال الملك والحاشية ، مما يلمح أن الأمر بكامله وكله صار إلى يوسف ، بارزا مبارزا على مسرح الحوادث ومصرع الكوارث ، كأنه هو الآمر الناهي لا سواه ، حيث يضطلع بالأعباء كلها في الأزمات الخانقة الخافقة ، فقد تصدق ـ على ضوء هذه التلميحة ـ الرواية القائلة بعد مقابلة طائلة ان «قال له الملك إن
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٥ ـ اخرج الحكيم الترمذي وابن أبي الدنيا في الفرج والبيهقي في الأسماء والصفات عن انس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال : ...