ولو أردنا به سوء فهو المدافع عنه ، ثم (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) لأخينا و «ذلك» الميرة والزيادة «كيل» هو (عَلَيْنا يَسِيرٌ) غير عسير.
وهذه محاولة تضم في جنباتها ترغيبات وترهيبات ، ان كان يعقوب يحب البقية على العائلة ومنهم بنيامين فلا بد له أن يرسله معهم.
وقد يعني «يسير» فيما يعنيه ـ يسير من العزيز الذي رد علينا بضاعتنا ، ام و «يسير» قليل ، وهنا «ذلك» يعني غير ما عناه «ذلك» هناك ، فإنه هنا «ذلك» الذي أعطانا من قبل «كيل علينا» على كثرتنا «يسير» قليل ، وهو إذا أرسلت معنا كثير حيث (نَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ).
يبدو هناك من قولهم «أرسله معنا نكتل» وهنا (نَمِيرُ أَهْلَنا ... وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) أنهم اعتبروا أخا يوسف متاعا لهم في حاجة مدقعة يسهلون به ميرة الزاد لأنفسهم ثم (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) وكما يوسف من قبل (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) فكل غال ورخيص عندهم فيما يهوونه رخيص بخيس.
كما ويبدو من (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) أن يوسف (عليه السلام) كان يعطي كل من حضر كيل بعير ، دون ان يبيع المشتري كل ما يريد ، وإنما لكل رأس شرط الحضور ، او التأكد من محظور لعدم الحضور ، وتلك حكمة حكيمة في سنّي الجدب والمحاصرة الاقتصادية ، تنظم بها نظام العيشة العادلة للشعب ، دون أن تتحكم في مزيد الميرة زيادة مال ، او قوة وجلال.
أترى نبي الله يعقوب هل يستسلم بغيه ما يرمون من هدف الميرة وزيادة كيل بعير؟ وهل إن طلب المعاش يبرره هدر نفس محترمة له سابقة من قبل كما في يوسف؟ كلا! (قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ)(٦٦)