تعني سرقة الصواع ، ثم رغّبوا (لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) كجعالة على وجدان الضالة «وأنا» الذي هو طبعا المؤذن «به زعيم» كفيل ضمين ، أم قائم بأمره رئيس ، وعلى أية حال فقد تكفل هذا الجعل لمن جاء به ، ولو كانت سرقة فجزاءه غير جزائه» (جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ).
فقد تحول مسرح السرقة وجزاءها إلى مسرح وجدان الضالة وجعله وأين سرقة من جعالة؟.
أترى «نفقد» ليس كذبا وهم ما فقدوه حيث هو (جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ)؟ نفقد ـ في نفسها ـ تعني ليس هو عندنا ، علمنا مكانه أم جهلنا ، وغاية أمره أن يكون تورية كالأولى فقدانا على علم بمكانه ، ثم والقائلون «نفقد» جماعة فليس هو الصديق ام ولا المؤذن ، فقد يجوز أنه ما أخبرهم ، ولا المؤذن بما فعل ، كما يدل عليه (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) ، كما وقد يقربه أن الصديق هو الذي (جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) دونهم ، ولا حتى المؤذن ، فقد أمر أن يؤذن : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) ثم أمروا أن يغيروا القول في مسرح الصراحة (نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ) ثم (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) انصراف عن اتهامهم في سرقة الصواع ومجاراتهم في (ما ذا تَفْقِدُونَ) إذا ففتّشوا عنه ولمن جاء به جعله ، وطبعا ليس المجيء به عن سرقه أو من الإخوة تفتيشا لأنفسهم بعض البعض ، وإنما من غيرهم أم في نفس القصر ، مما يؤكد أن تهمة السرقة الجاهرة لا تتجه إلى صواع الملك.
وعلى أية حال فهم مستيقنون ببرائتهم ، فيستندون إلى ثقتهم فيهم في ماضيهم وحالهم واستقبالهم :