(قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ)(٧٣).
قسما بالله (لَقَدْ عَلِمْتُمْ) من حالنا وحلنا وترحالنا (ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ) في رحلاتنا إلى هاهنا حالا ، و (لَقَدْ عَلِمْتُمْ) أننا (ما كُنَّا سارِقِينَ) ماضيا ، وتراهم كيف تاكدوا من علمهم فيهم لحد الحلف بالله ، برائة لهم في حالهم وما مضى ، وهذه حجة صارمة ـ لو علموا ـ على برائتهم في إنكارهم واستنكارهم سرقتهم؟.
قد نتخذ ذلك دليلا أنهم عرّفوا الصديق بأنفسهم بما قالوا وما فعلوا وعاملوه من مظاهر الصدق في نياتهم وسجياتهم ، ولحدّ يضيّفهم أحسن ضيافة ويضيف لهم إلى متاعهم بضاعتهم ، وعلّهم ـ كما يروى ـ ردوها إليه ، مما يبرهن أنهم ليسوا من المفسدين في الأرض ولا سارقين!
ولأنهم في الحق فاقدون سواع الملك ، ولم يبقوا احتمالا أنه مخبوء هنا وهناك أم هو عند أحد من رجال الحاشية ، فرغم علمهم بسابق حالهم فالمحتوم ـ إذا ـ أنه عندهم على أية حال ، كما المحتوم عند الإخوة خلافه ، معلومان يتعارضان ، فلا سبيل ـ إذا ـ لتكشّف الحال الغامضة الا تفتيش رحالهم لبيان حالهم فإذا :
(قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ)(٧٤).
فما جزاء من وجد في رحله؟ وترى (إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ) هي في نكران سرقة الصواع؟ وهم فيه صادقون! فلما ذا يهددون! ـ أم في نكران اي إفساد في الأرض وسرقة طول حياتهم؟ اللهم نعم فإنهم فيه كاذبون ، ومن أقل الجزاء لهم ألا يرجعوا بأخيهم ، فيختجلوا عند أبيهم ويرتكبوا بما ارتكبوا.