نفسه وسلامته ، اقتصارا على الأقل فيما يرمون ، وعلّه ان لم يسايرهم بعض الشيء وأخبر يعقوب بتآمرهم عليه ، قضوا عليه.
علّه لذلك كله تحق له هذه المصارحة في مثلثها : (أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ ... وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ) فقد كان التفريط في يوسف منهم دونه ، وبطبيعة الحال (مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) مأخوذ عليهم دونه ، أو أن تفريطه لم يكن فارطا فالتا مثلهم ، وأن موثقه لم يكن كموثقهم ، ولذلك نراه هنا لا يبرح الأرض حتى يأذن له أبوه أو يحكم الله ، مما يدل على أن (مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) يشمله مهما كان في أخفه.
ثم «أبي» دون «أبونا» هي رابعة الأضلاع في تلك المفاصلة بينه وبينهم في التفريط والميثاق ، فهو «أبي» فوق ما هو «أبوكم» حيث أراعي الحرمة الأبوية له وأنتم لا تراعون ، فأنا ـ إذا ـ ناظر أحد أمرين (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) لكي أبرح الأرض للقائه دون اختجال لمكان برائتي (أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي) : بخلاص أخي فأبرح معه الأرض إلى أبي ، أو يوحي إلى أبي برائتي أنا فيرضى عني ، أم ـ ولآخر تقدير ـ بموتي حتى لا أرى أبي كئيبا ينظر إليّ نظرته إلى من خانه وشانه (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) لا يحكم إلّا خيرا.
ثم بعد هذا التنديد الشديد بهم يأمرهم بالرجوع ، ويرشدهم كيف يواجهون أباهم في مقال :
(ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ)(٨٢).
«ارجعوا» دوني أنا إذ لا أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي (إِلى أَبِيكُمْ)