تضعضع لغني لينال من دنياه أحبط الله ثلثي عمله ..» (١) «ومن بث لم يصبر» (٢) وقد قال يعقوب (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) فقد صبر جميلا ولم يبث إلا إلى الله لا سواه ، وهكذا يكون من عند الله ، مطمئنا بالله ، مجاهدا في الله ، جاحدا لغير الله إلّا في أمر بأمر الله ، وكما أمرهم :
(يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) (٨٧).
فليست الثقة بالله والتكلان على الله بالذي يبطّل التوسل بالأسباب ، ويعطل ابتغاء الوسيلة إلى رحمة الله وكما قال الله : (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)! وهنا يتجلى ـ وضح الشمس في رايعة النهار ـ أنه كان على علم بحياة يوسف (٣) وطبعا بوحي من الله ، وكما اوّل رؤياه في الأوّل : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ..) وقد كرر قوله (إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) لما ارتد بصيرا : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) فكان مما يعلم من الله حياة يوسف!
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣١ ـ اخرج البيهقي في الشعب عن انس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي آخره : ومن أعطي القرآن فدخل النار فأبعده الله.
(٢) المصدر ـ اخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : .. ثم قرأ الآية.
(٣) نور الثقلين ٣ : ٤٥٥ ج ١٦٦ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة وقال الصادق (عليه السلام) ان يعقوب قال لملك الموت : اخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة او متفرقة؟ قال : بل متفرقة ، قال : فهل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الأرواح؟ فقال : لا ، فعند ذلك قال لبنيه (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا ...) ورواه مثله في العلل باسناده الى حنان بن سدير عن أبيه قال قلت لابي جعفر (عليه السلام) ...