فعلوا ، علما بمدى العصيان في ذلك الطغيان حيث وقعوا في فخه الآن فكيف بما يأتيهم بعد الآن؟! وفي (إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) تبرير لموقفهم الآن أنهم ليسوا بجاهلين ، فان جهالة الصبا والغرور مضت والآن وقت النّبهة والعلم فالتوبة عما كان.
ثم وفي ذلك تصديق لما أوحي إليه من قبل : (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) وقد نبههم الآن بما كان وهم لا يشعرون أنك لانت يوسف حتى شعروا بذلك الإنباء ثم علموا بعد ما سألوا : (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)(٩٠).
سؤال استفهام بكل استعجاب حيث يرونهم أمام يوسف ـ الصغير الطريد الشريد ـ صغارا وصغارا ، وهو الآن ذلك الرجل الكبير الكبير ، فأين (تَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ)؟!
وهنالك لمعة التصديق أننا لمّا نفاجأ بلقاء القائم المهدي روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء نقول لقد رأيناه مرارا وتكرارا والآن كما كان ، ف «في القائم (عليه السلام) شبه من يوسف في غيبته ومعرفته ، وكما في متظافر الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الكرام (عليه السلام) (١).
__________________
ـ جاهِلُونَ» فنسبهم الى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.
(١) نور الثقلين ٢ : ٤٥٩ ج ١٧٧ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سدير قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : في القائم شيبة من يوسف (عليه السلام) قلت : كأنك تذكر خبره او غيبته؟ فقال لي : ما تنكر من هذه الامة أشباه الخنازير؟ ان اخوة يوسف كانوا أسباطا وأولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وهم اخوته ـ