وأكرم بيوسف وأعظم بعطفه على إخوته حين يعرّف بنفسه وأخيه إخوته ، دون أن يعلنهم بما فعلوه إلّا في إجمال مضى ، وليكون ذريعة منبهة لتعريفه ، وإنما يذكرهم بما منّ الله عليه وعلى أخيه بما أحسنا في صبرهم وتقواهم ، وفيه لمحة بتنديدهم حيث أساءوا بما طغوا إذ لم يصبروا ولم يتقوا.
وترى ما هو موقف (وَهذا أَخِي) تعريفا بمن يعرفونه حيث الفصل قصير وهم عارفون أنه عنده؟. علّه إلحاق قاصد بنفسه لكي يشملهما معا كل ما ياتي به من تبجيل وتجليل ، وأن دورهما واحد في البراءة ، وما حسدوا وما من الله عليهما ، ولكي يزيدوا به معرفة كما عرفوا يوسف بمحتده.
والتاكيدات الثلاث في سؤالهم : (أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) تكشف عن مدى حيرتهم في أبعاد بعيدة ، ثم الجواب دون تأكيد (قالَ أَنَا يُوسُفُ) لعدم الحاجة فيه ، حيث العزيز أعز من أن يكذب ، ثم لا يحتار في أمر نفسه حتى يؤكّد.
__________________
ـ وهو أخوهم فلم يعرفوه حتى قال لهم : انا يوسف ، فما تنكر هذه الامة ان يكون الله عز وجل في وقت من الأوقات يريد ان يبين حجته ، لقد كان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد الله عز وجل ان يعرفه مكانه لقدر على ذلك والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة تسعة ايام من بدوهم الى مصر فما تنكر هذه الامة ان يكون الله عز وجل يفعل بحجته ما فعل بيوسف ان يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز وجل ان يعرفهم نفسه كما اذن ليوسف حتى قال لهم : هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون. قالواءانك لانت يوسف قال انا يوسف وهذا اخي ...» ورواه مثله عن سدير عنه (عليه السلام) في الكافي باختلاف يسير.