الإسلام الخالص الناصع بقمته العليا ، فخذني وافيا بإسلام «وألحقني» هنا وفي الآخرة «بالصالحين» وهذا من غاية التواضع عند الله أن صالحا كالصديق يطلب منه إلحاقه بالصالحين وهم ـ بطبيعة الحال ـ من هو أصلح منه في مثلث الزمان ، فلم يكن الصديق يطلب هنا موته كما يقال ، فان حياة الرسول نعمة له وللمرسل إليهم ، ولم يكن سؤاله في توفيه مسلما إلا تثبيتا له في إسلامه طول خط الحياة حتى الممات ، لا أني مسلم فتوفني موتا ، ولا اجعلني مسلما حين أموت ، ولا أن أحدا من الأنبياء لم يسأل الموت إلا يوسف! حيث يسأله كل الصالحين : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) (٣ : ١٩٣) (.. رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ) (٣ : ١٢٦) .. فحتى إذا كان ذلك سؤالا للوفاة فليس إلّا لأجله المسمى ، أن يكون حال الإسلام ، استمرارية لحد الوفاة.
ولقد وردت روايات أن يوسف (عليه السلام) عاش بعد لقياه ردحا كثيرا من الزمن (١) وقد تشير له الآية : (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ
__________________
(١)نور الثقلين ٢ : ٤٧٣ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ، باسناده الى محمد بن جعفر عن أبيه عن جده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : عاش يعقوب بن إسحاق مائة وأربعين سنة وعاش يوسف بن يعقوب (عليه السلام) مائة وعشرين سنة ، * أقول اكثر ما كان في بيت العزيز وفي السجن وفي ملكه قبل لقياه بابويه عشرون وكان قبله مراهقا دون تكليف زهاء تسعة الى ثلاثة عشر فذلك دون الأربعين فيبقى ثمانون وكما في المجمع في كتاب النبوة بالإسناد الى محمد بن مسلم ـ الى قوله ـ وبالإسناد عن أبي خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : دخل يوسف السجن وهو ابن اثني عشرة سنة ومكث فيه ثماني عشرة سنة وبقي بعد خروجه ثمانين سنة فذلك مائة سنة وعشرين سنين.
أقول : ليس دخوله السجن إلا بعد بلوغه الحكم وبالإمكان كونه الثاني عشر من عمره.