الرسالات الإلهية للعالمين ومحورها الأصيل رجال من الإنس ، مهما حملها رجال من الجن وسائر العالمين كخلفاء لرسل الإنس ، ثم يحملها في دعوة عليمة سليمة كل من تحملها علما وعملا صالحا رجالا ونساء وكما في واجب الدعوة والأمر والنهي ف (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ..) (٩ : ٧١).
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) منذ بداية الرسالات (إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) لا ملائكة كما كانوا يزعمون ويقترحون ، ولا سواهم (إِلَّا رِجالاً ... مِنْ أَهْلِ الْقُرى) بشرا مثلك وأمثالهم من أهل المجتمعات البشرية ، حيث القرية هي المجتمع أيا كان ، في مدينة أو ضاحية أما هيه.
فلست أنت بدعا من الرسل ، فإنك رسول كسائر الرسل ، رجل من أم القرى كما هم من أهل القرى ، مهما بان البون بينك وبين سائر الرسل كما البون بين أم القرى وسائر القرى.
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) حاضرها وغابرها ، تاريخا جغرافيا وجغرافيا تاريخيا عن شئون الرسالات الإلهية ، أفلم يسيروا فيها لينظروا رجالات الرسالات أنهم كما أنت من أهل القرى (نُوحِي إِلَيْهِمْ) ثم (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الذين أرسل إليهم «حيث» رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها «فأنكروا رسالات ربهم» (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) : الدنيا وهم فيها ، تقوى عن طغوى النكران (أَفَلا (١) تَعْقِلُونَ) في أنفسكم ، وفيما تنظرون من الذين من قبلكم؟
ولعمر الله إنها هزّة فظّة تهز القلوب حتى المقلوبة المتجبرة ، الجاسية القاسية المتكبرة ، فلحظات الاسترجاعات الخيالية لحركات الطاغين وسكناتهم وخلجاتهم ، فإذا هم على حين غفلة وغفوة لا حس لهم ولا حسيس ولا حركة ، قصورهم خاوية ، ودورهم خالية ، طواهم الموت طيا