ولا فوت ، فتلك مصارعهم بين آونة وأخرى ولات حين مناص.
إنها تهز هزة وتفز فزة فظه ، مهما يكن القلب خاويا ، وجاسيا قاسيا ، فكيف لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد؟!
(أَفَلا تَعْقِلُونَ) عقل دراية ، فتعتبروا بعاقبة المكذّبين قبلكم ، وما قاساه رسل الله منهم :
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)(١١٠).
أترى من هم الذين (ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا)؟ أهم الرسل لقرب المرجع؟ فمن كذبهم؟ أهم المرسل إليهم؟ وقد علموا أنهم كذّبوهم طول التاريخ الرسالي أشد تكذيب دون ان يكذبوهم! ويظنوا! وإنما يكذبهم المنافقون فيما يدعون من الإيمان ، و «حتى إذا» غاية الأمر لكل الناكرين دون خصوص المنافقين!
ثم وكلّ من كذبهم نفاقا ، وتكذيبهم كفرا ، معلوم لدى الرسل ملموس ، والنص «ظنوا»! ولقد ظن ناس (أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا)(١) ونحن نكذب قولتهم بروايتهم حيث النص «كذبوا» وكما يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (٢) كما وتكذب الرواية القائلة أن الرسل ظنوا أنهم كذبوا في
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٤١ ـ اخرج ابن مردويه من طريق عروة عن عائشة ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قرء (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) بالتشديد.
(٢) المصدر اخرج ابن مردويه من طريق عمرة عن عائشة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قرء (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) مخففة واخرج ابن مردويه من طريق أبي الأحوص عن ابن مسعود قال حفظت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سورة يوسف (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) مخففة.
* المجمع بين احتمالي ظن الرسل والمرسل إليهم اجمع وأجمل كما بيناه على ضوء الآية ٢١٤ ـ البقرة فراجع.