وللأرض مدان اثنان ، مدّ اوّل لإحيائها كما هنا وفي أضرابها : (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) (١٥ : ١٩) (.. وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (٥٠ : ٧٠).
ومدّ ثان لإماتتها : (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ، وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) (٨٤ : ٣) واين مد من مدّ تعميرا وتدميرا؟.
ولأن المدّ ليس إلّا عن انقباض فلتكن الأرض قبل مدّها منقبضة لا تحنّ لجعل جبال ورواسي أو إلقاءها عليها ، فضلا عن جعل الأنهار والثمرات ، فبمدها قرّت فغرّت لقرارة الحياة عليها : (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً) (٤٠ : ٦٤) وذلك هو ذلّها بعد شماسها : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (٦٧ : ١٥) وفي ذلك كفاتها : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً ، أَحْياءً وَأَمْواتاً ، وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) (٧٧ : ٢٧).
ولأن الأرض كروية فمدها هو بسطها في حجمها ، وعلّه على أثر حركاتها الدورانية حين ذوبانها ، وقانون الفرار عن المركز يحكم بذلك الانبساط في جوانبها ، فانجماد سطحها ، وانبثاق أقسام منه هي أثقل من فوقها ، وهي جبالها الراسية في متن أديمها وأعماقها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)!
ومن خلفيات جعل الرواسي جعل الأنهار حيث يدخر فيها من ثلج السماء وبردها وماءها خلالها ، فتشق من أطرافها وأكنافها أنهار يجري ماءها فيها ، أم تنبع نبعات في أكنافها فتجري أنهارا صغارا وكبارا.
فجعل الجبال يتبنى مد الأرض كما مدّت ، وجعل الأنهار يتبنى جعل الجبال ، وجعل الثمرات يتبنى جعل الأنهار لأرض مستعدة للإثمار (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ!
(وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) تستغرق كل ما بالإمكان الراجح من مختلف