(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ)(٦).
هؤلاء الحماقى الطغاة ليسوا ليتذكروا بأيّة ذكرى (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) استعجالا بالعذاب : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ ... يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٢٩ : ٥٣ ـ ٥٤) :
ولم يستعجلونك بالسيئة وهناك الحسنة أحرى أن يستعجل بها؟ إنما (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ..) (٤٢ : ١٨) فما استعجالهم إلّا تحديا وإبطالا لدعوة الحق استغلالا له فاستقلالا ثم استغفالا للمستضعفين.
والسيئة المستعجل بها قبل الحسنة هي العقوبة التي تهدّدوا بها يوم الدنيا والأخرى وهم ناكروهما ، فالأخرى لكفرهم بها ، والأولى لنكراهم الوحي وتوحيد الربوبية.
إنهم هكذا يستعجلون (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) والمثلة نقمة تنزل بالإنسان فتجعل مثالا يرتدع به غيره فهي كالنكال ، والمثلاث التي خلت هي أمثال لما تهددهم من عقوبات الدنيا والآخرة ، حيث الأولى تشهد للأخرى ، كما تشهد لنظيرتها في الأولى لأنها كلها تشهد لصدق الوعد والوعد الصدق.
ألا «واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلاث بسوء الأفعال وذميم الأعمال فتذكروا في الخير والشر أحوالهم واحذروا أن تكونوا أمثالهم» (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٨٢ ح ١٢ في كتاب التوحيد باسناده عن ابو ذكوان قال سمعت ابراهيم العباسي يقول : كنا في مجلس الرضا (عليه السلام) فتذاكروا الكبائر وقول ـ